أوقات الصلاة
التقويم القمري
ساعة ماوس
اذاعة القران الكريم
أذكار الصباح والمساء
خصائص العروض في لزوم ما لا يلزم للمعري
صفحة 1 من اصل 1
خصائص العروض في لزوم ما لا يلزم للمعري
عاش أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي المعري في النصفين الثاني والأول من القرنين الرابع والخامس الهجريين(1)، وهو زمن بلغ فيه التصنع في الأدب، شعره ونثره، حداً لم يعرفه العرب من قبل، ولم يكن الأدب في هذا التصنع بدعاً، شذّ عن حيوات هذه الفترة من فترات الحضارة العربية، وإنما كان منسجماً مع ما آلت إليه حيواتها من ترف شديد، شمل المسكن والملبس والمطعم والمشرب وجميع مناحي الحياة من الولادة حتى الوفاة، مما لا مجال لذكره وتفصيله في هذا البحث، ولكنه كان ناتجاً عن تصنُّع لف الحضارة العربية في جميع جزئياتها، ودفعها إلى فهم غريب للتجديد، لا يتناول جوهر الأمور، وإنما يُعنى بشكلها ووسائلها، ويتكلف في ذلك تكلفاً معقداً جداً، لم يعرفه العرب في القرون الثلاثة الهجرية الأولى من قبل، ولم يكن من الممكن أن يعرفوه، أو يصلوا إليه، لأن حيواتهم كانت قريبة من الاستواء والطبع، ثم ابتعدت عن ذلك، وانحرفت خطوة خطوة، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه زمن المعري، وإننا لا نستطيع أن نلومهم على ذلك، لأنهم لم يكونوا إلا مثل غيرهم من الأمم التي سبقتهم أو لحقت بهم، والتي تحولت الوسائل لديها إلى غايات، تشاركها مكانتها حتى يطويها النسيان، فتحل محلها غايات جديدة، بعدما كانت وسائل(2)، وتصارع الناس حول هذه الوسائل تدفعهم فكرة الوصول إلى الجديد والتحدي، تحدي الآخر، ثم تحدي الذات، وكأننا في ألعاب أولمبية وأرقام قياسية، يريد كل مشارك أن يكسر الرقم الذي حققه سلفه، أو الذي حققه هو في الدورة السابقة.
مثَّل المعري فكرة التحدي هذه في عصره خير تمثيل، ونجد ذلك واضحاً في قوله الشهير مفتخراً:
وإني وإن كنت الأخير زمانه
لآتٍ بما لم تستطعه الأوائلُ(3)
إنه لم يتحد أبناء عصره فقط، وإنما تحدى الأوائل المتقدمين الذين يُشار لهم بالبنان، ويُقَرُّ لهم بالتفوق، وأكّد أنه سيتفوق عليهم، وسيأتي بما لم يستطيعوه. ولعل عاهة العمى لديه زادت في تأجيج فكرة التحدي عنده وتأكيدها وملازمتها له ليله ونهاره. إنه أراد ـ من حيث يدري أو لا يدري، شعورياً أو لا شعورياً ـ أن يكون بدعاً في عصره، لا يستطيع معاصروه، كما لم يستطع سابقوه، أن يصلوا إلى الذروة التي وصل إليها وتربع فوقها، ولعل خير ما يمثل تلك الإرادة ديوانه الأشهر "لزوم ما لا يلزم"، وله طبعات كثيرة بلغت ثلاث عشرة، استعرضها الأخ العالم الدكتور صلاح كزارة(4) ووصّفها، ورجّح واحدة منها، اعتمدتها في بحثي هذا، وهي طبعة حررها وشرحها الدكتور كمال اليازجي معتمداً على عدد من الأصول المخطوطة والمطبوعة، صدرت عن دار الجيل في بيروت عام 1996، وقال عنها الدكتور كزارة: "وهذه الطبعة في رأيي أكمل مطبوعات اللزوميات، وهي محققة تحقيقاً علمياً جيداً، ولكن على الرغم من الجهد الكبير الضخم المبذول فيها احتوت على أخطاء في الضبط، ولم تنج من بعض التحريف والتصحف، ومن الفهم والتفسير الخاطئين لبعض الأبيات"(5).
نظم المعري لزومياته هذه بعدما أنف من سيره في طريق سابقيه من الشعراء مثل المتنبي الذي كان معجباً به أيّما إعجاب في ديوانه (سقط الزند). إنه أراد أن يسير في طريق بكر جديدة، لم يسبقه سابق من بدء الشعر العربي حتى عصره، وإلى أن يرث الله الأرض وما عليها، كما أراد أيضاً أن يتحدى نفسه أو صنيعه في ديوانه الآنف الذكر (سقط الزند). إنه أراد بلزومياته أن يصل ذروة سامقة لم تطأها أية قدم، ولا حتى قدمه من قبل، فكانت اللزوميات.
اللزوميات، أو لزوم ما لا يلزم، ديوان شعر كبير، يختلف عن جميع دواوين الشعر العربي السابقة له واللاحقة، وقف به المعري مكاناً قصياً، ولهذا الديوان جوانب ثرية عدة، ولكن الذي يعنينا الآن جانب الشكل فيه، وهو جانب هام متعدد الوجوه، لا يمكن لبحث واحد أن يعطيه حقه، لذلك آثرت الآن أن أدرس جزءاً منه، وهو جانب العروض والقوافي فقط، لعلّي أوفيه بعض حقه، أو أصل إلى شيء ما فيه.
وكما أن جانب العروض والقوافي لا يلغي غيره من جوانب الشكل في اللزوميات، مثل غلوه في استخدام الغريب، وتصنع الجناس وألفاظ الثقافات المختلفة وغيرها(6)، فإن جانب الشكل فيها أيضاً لا يلغي جانب المضمون الذي يتضمن كثيراً من جوانب فلسفته أو تفكيره الفلسفي(7). ولكن الذي يهمنا الآن هو أيّ الأمرين الشكل أو المضمون كان الأهم لدى المعري في أثناء تخطيطه للزوميات وتنفيذه لها. وقبل أن نجيب على هذا التساؤل، نستقرئ مقدمة اللزوميات التي كتبها المعري، وهي مقدمة متميزة لطولها وغناها ودقتها وتفصيلاتها، لا نرى لها مثيلاً في أي ديوان من دواوين العربية، لقد بلغ عدد صفحاتها قرابة اثنتين وثلاثين صفحة، استغرق الحديث عن المضمون فيها أقل من صفحة في أولها، ومثل ذلك في آخرها، وأما الباقي، وقدره قرابة ثلاثين صفحة، خصصه المعري للحديث عن الشكل، عن القافية وتفصيلاتها وما إلى ذلك. وقِصَرُ الحديث عن المضمون، وطَولَه عن القافية يدلان على هدف المعري في لزومياته، وهو التحدي في ميدان هندسة الشكل وبنائه بناء معمارياً متميزاً، فإذا أضفنا إلى هذا أن معاني اللزوميات كانت في تمجيد الله تعالى، وتذكرة الغافلين، والتحذير من الدنيا، ومن النساء، والدعوة إلى الزهد والتقشف، ونقد جوانب الحياة المختلفة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وانحرافات مدّعي التدين والتصوف، ولقد لف ذلك كله تشاؤم واسع، دعا إلى تحطيم العالم بالامتناع عن الزواج والتكاثر، حتى ينتهي وجود الإنسان في هذه الدنيا. وهذه معانٍ أصولها ليست جديدة، وإنما معروفة نجدها لدى كثير من الشعراء قبل المعري مثل أبي العتاهية والمتنبي، ولكنَّه كثَّرها ووسَّعها لتكون في ديوان كبير خاص(، أقول: إذا أضفنا هذا تأكد لنا رجحان أهمية جانب الشكل على جانب المضمون في اللزوميات، وبخاصة إن المعري نفسه، وفي آخر مقدمته، أشار بوضوح إلى "أن من سلك في هذا الأسلوب ضَعُفَ ما ينطق به من النظام، لأنه يتوخى الصادقة، ويطلب من الكلام البَرَّة، ولذلك ضعف كثير من شعر أمية بن أبي الصلت الثقفي(9)، ومن أخذ في فَرِيَّة من أهل الإسلام، ويروى عن الأصمعي كلام معناه أن الشعر باب من أبواب الباطل، فإذا أُريد به غير وجهه ضعف، فقد وجدنا الشعراء توصلوا إلى تحسين المنطق بالكذب، وهو من القبائح(10)"، الأمر الذي يدل على ما ذهبنا إليه ورجحناه، وهو أن جانب الشكل بعامة، وجانب العروض والقافية بخاصة هو الأول والأسبق والأهم، يتلوه جانب المعنى على أهميته، وهو ـ أي جانب الشكل ـ الذي يضم بين جوانحه عنصر التحدي الذي أراده المعري، وأعلنه صراحة في مقدمته للزوميات(11). ومما يؤكد هذا أيضاً ذلك البسط المفصل الذي كاد أن يكون جامعاً مانعاً لعلم القوافي، شمل شرح لوازم القافية من الحروف، مثل الروي والتأسيس والردف والوصل والخروج(12)، وكذلك لوازمها من الحركات مثل الرس والإشباع والحذو والتوجيه والمجرى والنفاذ(13)، كما ذكر أيضاً عيوبها مثل السناد والإكفاء والإقواء (14)(15)، ثم تحدث عن خلط بعض العلماء والشعراء بين الروي والوصل وأخطاء ترتيب القصائد في دواوين الشعراء المحدثين(16)، وقسّم القوافي تبعاً لصفاتها، إلى ذُلُل ونُفُر وحوش(17)، وشرح ذلك كله بتفصيل ودقة، وأيده بالبراهين معتمداً على آراء كبار علماء الشعر والعروض والقوافي والنحو واللغة مثل الخليل والأخفش والفرّاء وأبي عبيدة وأبي عمرو ابن العلاء والأصمعي والزجاج وابن السراج والجرمي وغيرهم، كما أيَّد ذلك بكثير من الأمثلة من شعر الأقدمين الذين يحتج بأشعارهم مثل زهير والحطيئة والعجاج وغيرهم موضحاً محللاً مقارناً فيما بينها، ومقارناً لها مع آرائه الكثيرة المتميزة المتسمة بالعمق والدقة والذوق، والتي نثرها في أثناء بحثه، وبسطها، ودعمها بآراء العلماء وبالحجج العقلية التي تشهد له ببراعة النقد ودقة التحليل(18) موافقاً لهم تارة ومخالفاً تارة أخرى، ومعللاً ذلك كله(19).
إننا نستطيع أن نعدّ مقدمته للزوميات ـ من غير مبالغة ـ كتاباً في القوافي، لولا أنه لم يذكر فيها تعريف القافية وأضربها مثل: المتكاوس والمتراكب والمتدارك والمتواتر والمترادف(20)، إنه بسط كاد أن يكون جامعاً مانعاً لعلم القوافي شمل جزئياته كلها تقريباً شمولاً جعله يتفوق على غيره من كتب القوافي، ككتاب (مختصر القوافي) لابن جني، من حيث المعلومات وغزارتها وتفصيلاتها مثل ذكر المعري للمآخذ على الخلط بين الروي والوصل(21).
خشي المعري أن يقرأ لزومياته قارئ غير ملم بعلم القوافي، وهو علم لا يعرفه، بعامة، إلا المختصون، وهم قلة من أهل العلم، فلا يستطيع أن يدرك مراميه وأبعاد عبقريته وتحديه وعظمة كتابه وتميزه، لذلك كتب هذه المقدمة المتخصصة، الأمر الذي يدل على ما ذهبت إليه من قبل. وأحب أيضاً أن أشير، لأؤكد ذلك، إلى العنوان الذي وضعه المعري لديوانه هذا، وهو (لزوم ما لا يلزم)، لأنه يدل على أهمية القافية فيه، لأنه ـ أي لزوم ما لا يلزم ـ خاص بالقافية لا بسواها، ولقد شرح المعري معنى العنوان في مقدمته بقوله: "ومعنى هذا اللقب أن القافية تلزم لها لوازم لا يفتقر إليها حشو البيت"(23). وكذلك أود أن أنبه إلى أمر مهم جداً جاء أيضاً في مقدمة اللزوميات بوضوح وتفصيل وعناية بعد ذكر لوازم القافية من حروف وحركات، وهو قول المعري: "فإذا جاء في الشعر شيء قد اتفق أن يَلْزَمَ قائلُهُ شيئاً غير هذه اللوازم فهو متبرع بذلك"(24)، أي ألزم نفسه بما لم يلزمه به علم القوافي، ليبيّن علمه وإمكاناته وقدرته وتميزه وتحديه للآخرين.
وفضلاً عن ذلك نرى المعري قد وضَّح أيضاً وبتفصيل ما تميزت به اللزوميات، أو جانب التحدي فيها، وذلك بقوله: "وقد بنيت هذا الكتاب على بنية حروف المعجم"(25)، وهذا أمر جديد، يدل على عجب بالنفس واعتداد بالمقدرة الشخصية(26)، لم يسبق إليه أحد من الشعراء المتقدمين أو المحدثين، وإن كان المحدثون أقل بعداً من المتقدمين في نظمهم على أكثر حروف العربية، وعلل المعري تقصيرهم ـ كما كان يرى ـ بأنهم كانوا يتبعون الخاطر، أي الطبع، كأنه هادي الركبان أينما سلك فهم له تابعون(27)، إنه أنكر ذلك عليهم مع أنه الأصل في الشعر والشعراء، ولأن الطبع هو الأول والاستجابة له هي الغاية، ولأن الشكل في المرتبة التالية أو الوسيلة، بَيْدَ أنَّ المعري استبدل بالغاية الوسيلة، وبالوسيلة الغاية، دفعه ذلك فهم عصره ومعاصريه، وفهمه للتجديد وللشعر، الأمر الذي جعله يعد صنيعهم تقصيراً ودليلاً على ضعفهم(28).
وإلى جانب ما سبق نجد في مقدمة المعري للزوميات قولـه: "وقد تكلفت في هذا التأليف ثلاث كلف:
الأولى: أنه ينتظم حروف المعجم عن آخرها.
والثانية: أن يجيء رويه بالحركات الثلاث وبالسكون بعد ذلك.
والثالثة: أنه لُزم مع كل روي فيه شيء لا يلزم من باء وتاء أو غير ذلك من
الحروف(29).
أما بالنسبة إلى الكلفة الأولى، فإن المعري لم يترك حرفاً من حروف العربية إلا وجعله روياً لقصائد أو مقطعات، ورتبها بحسب الترتيب الألفبائي، ولكنه لم يلتزم في كل حرف عدداً معيناً من القصائد أو المقطعات، تضم عدداً محدداً من الأبيات، وذلك لأن حروف العربية تختلف فيما بينها من حيث سهولة النطق وصعوبته، ومن حيث الكثرة والندرة، ومن حيث الجمال والقبح، وبناء على ذلك أتت أبيات قصائده موزعة تبعاً لرويها على حروف العربية على الترتيب التالي، الأكثر ثم الكثير ثم القليل ثم الأقل وهكذا، الراء ثم اللام ثم الميم ثم النون ثم الباء ثم الدال ثم السين ثم التاء ثم الهاء ثم الكاف ثم القاف ثم العين ثم الفاء ثم الهمزة ثم الجيم ثم الحاء ثم الياء ثم الزاي ثم الألف ثم الطاء ثم الشين ثم الضاد ثم الثاء ثم الصاد ثم الذال ثم الخاء ثم الواو ثم الظاء ثم الغين(30)، وهذا أمر سبق إليه المعري إذ لم يفعله قبله شاعر أبداً، وبذلك كان له فضل الريادة في ذلك، وأنه أتى بما لم يستطعه الأوائل كما كان يرى، وأما الشعراء الذين أتوا بعده فقد ساروا على هدى المعري فنظموا قصائدهم على جميع الحروف مثل صفي الدين الحلي(31) في ديوانه (درر النحور في امتداح الملك المنصور(32).
وأما بالنسبة إلى مجيء الروي بالحركات الثلاث وبالسكون فلقد تفرد به وسبق إليه المعري، ولا نعلم أن أحداً من الشعراء الذين عاصروه أو أتوا بعده سار على منواله. ولقد رتب الحركات الثلاث على الشكل التالي، الضم أولاً ثم الفتح ثم الكسر ثم السكون، أي جعل القصائد والمقطعات ذات الروي المرفوع تأتي قبل مثيلاتها ذات الروي المنصوب، ثم تأتي مثيلاتها ذات الروي المكسور بعدها، وفي الأخير تأتي مثيلاتها المقيدة، أو ذات الروي الساكن. وتساءلت عن سبب هذا الترتيب، وبحثت الأمر مع بعض أهل العلم، فلم أجد لديهم جواباً، ثم رجحت بعد ذلك أن يكون ترتيبه هذا مبنياً على الترتيب الألفبائي الذي رتب على هداه ابن جني مواد كتابه "سر صناعة الإعراب"(33)، وفي هذا الترتيب الألفبائي نجد أن الواو سبقت الألف ثم جاءت الياء بعدهما، وبما أن الضمة واو صغيرة، والفتحة ألف صغيرة، والكسرة ياء صغيرة، ساغ أن يكون ترتيبها مثل ترتيب حروفها المنتمية إليها، وأما الروي الساكن أو المقيد فمن الطبيعي أن يأتي ترتيب قصائده ومقطعاته في الأخير من الأبيات ذات الروي المكسور.
وأما بالنسبة إلى التزام المعري مع روي البيت بشيء من باء وتاء وغير ذلك، فلقد سبقه إليه شعراء عدة، ولكن في أبيات قليلة، وقد ذكر ذلك المعري في مقدمته للزوميات، وذكر أسماءهم وبعضاً من أبياتهم مثل الأعشى(34) وطرفة بن العبد(35) والنابغة(36) وعمرو ابن معد يكرب(37) وغيرهم من القدماء(38). كما ذكر المعري أيضاً كثيِّر عزة(39) وقصيدته التي مطلعها:
خليليَّ هذا ربع عزة فاعقلا
قلوصيكما ثم أحللا حيث حلّتِ(40)
ومثل صنيع كُثيِّر صَنَعَ البحتري في قصيدةٍ مقصورة التزم قبلها الواو، وابن الرومي في عدد من قصائده(41). ولم ينكر ذلك المعري بل ذكره في مقدمة لزومياته، وفي بعض شعره إذ يقول:
كثيّرُ أنا في حرفي أبهت له
في التاء يلزم حرفاً ليس يُلتزم(42)
ولكن مع هذا فإن المعري لم يلتزم حرفاً مع التاء أو الكاف فقط ليقويهما، لأنهما ضعيفان من حروف الهمس، وإنما التزم مع غيرهما من الحروف القوية حرفاً واحداً، مثل قوله:
كيف احتيالك والقضاء مدبرُ
تجني الأذى وتقول إنك مخيرُ(43)
وحرفين اثنين، مثل قوله:
وكم وجم الفتى من بعد ضحكٍ
وأُضحك بعد إفراط الوجومِ(44)
وأكثر من ذلك، مثل قوله:
فكونوا جياداً ضُمِّرتْ خوف غارة
صوائم إلا منْ شكيمٍِ تلوكها(45)
وصف المعري التزام هؤلاء الشعراء الآنف ذكرهم بأنه دليل قوة، ولو تركوه لم يدخل أشعارهم ضعف، لذلك سلك مسلكهم، وزاد عليهم ليتحداهم، وليبرهن أنه أقوى منهم. ولقد كان تميزه عليهم في جانبين اثنين:
1 . في عدد الحروف الملتزمة جانب الروي، إذ فضلهم كثرة.
2 . في التزامهم حرفاً واحداً مع تاء التأنيث أو كاف الإضمار، وهما ضعيفتان، لأنهما من حروف الهمس، أو مع الهاء، وهي شبيهة بحروف اللين لخفائها، فأرادوا تقوية هذه الحروف بحرف آخر التزموه معها(46)، أما المعري فقد كان التزامه مع حروف قوية مثل الباء والميم واللام وغيرها مما لا تحتاج إلى تقوية.
ثم ذكر المعري في نهاية مقدمته عدد فصول ديوانه، وهو مئة وثلاثة عشر فصلاً، لأن لكل حرف أربعة فصول، فصل لكل حركة من الحركات الثلاث، الضم والفتح والكسر، ورابع للسكون، إلا الألف وحدها فلها فصل واحد، لأنها لا تكون إلا ساكنة(47).
وكما كانت أعداد أبيات كل حرف مختلفة متفاوتة، كذلك كانت أعداد أبيات كل حركة متفاوتة أيضاً، لم يلتزم المعري فيها عدداً معيناً لا يتغير كثرة أو قلة، فمجموع أبيات حرف الهمزة مثلاً كان مئتين وستين بيتاً، موزعة بشكل غير متساوٍ بين حركة الضم، وعدد أبياتها مئة واثنان وسبعون بيتاً. وحركة الفتح، وعدد أبياتها ستة عشر، وحركة الكسر، وعدد أبياتها اثنان وعشرون(48).
وكذلك كان صنيع المعري أيضاً مع بحور الشعر، فلم ينظم عليها جميعها، وسنتحدث عن هذا فيما بعد، ولم يجعل أبياتها متساوية، ففي حرف الهمزة الذي اتخذناه مثالاً آنفاً نجد أبياته موزعة على البحور كما يلي: الطويل تسعة وستون بيتاً، والبسيط ستة وأربعون بيتاً، والوافر أربعة وثلاثون بيتاً، والكامل تسعة وعشرون بيتاً، والمنسرح سبعة أبيات، والخفيف ثلاثة وخمسون بيتاً، والسريع اثنان وعشرون بيتاً(49) والجدول التالي يوضح ما تقدم، وشبيه به ما نراه في بقية الحروف.
جدول يوضح توزيع أبيات حرف الهمزة في اللزوميات
الطويل
البسيط
الوافر
الكامل
المنسرح
الخفيف
السريع
مجموع عدد أبيات كل حركة والسكون مع الهمزة
الهمزة المضمومة
47
34
26
17
7
41
172
الهمزة المفتوحة
2
5
6
3
16
الهمزة المكسورة
22
10
3
6
9
50
السكون
22
22
مجموع عدد أبيات كل بحر
69
46
34
29
7
53
22
260
إن تقسيم المعري للزومياته تبعاً لحروف المعجم ولكل حركة من ضم وفتح وكسر ثم سكون، يجعلنا أمام مهندس معمار مدقق واع، قد رسم مخططاً دقيقاً لمجمع سكني كبير دقيق متناظر متكامل مؤلف من تسعة وعشرين بناء، ثمانية وعشرون بناء متشابهاً، يتألف كل منها من أربعة أجنحة، وبناء واحد هو التاسع والعشرون، تميز عنها ليكسر اطراد هذا التشابه، فكان فيه جناح واحد فقط. وهذا التشابه بين هذه الأبنية وعدد أجنحتها جمّله بكسر رتابته تنوع عدد الغرف في كل جناح، واتساع كل غرفة من غرفه، وتنوع ما فيها، إنه مجمع سكني أو ضاحية سكنية تجمع بين الاطراد والرتابة والتشابه من جهة، والتغيير والاختلاف من جهة أخرى. إن التشابه يدل على أننا أمام مهندس معمار عبقري، كما أن تكثيره لعدد الغرف، أو عدد القصائد والمعطيات، وعدد أبيات كل منها، يدل على ذوق هذا المعمار وقدرته التي حمته من أن يتعب أو يلهث في أثناء عمله أو في نهايته.
إن اللزوميات بناء على ما تقدم ليست ديواناً شعرياً كغيره من دواوين الشعراء الذين سبقوا المعري أو عاصروه، وإنما هو كتاب أو مؤلف، وضع له صاحبه خطة محكمة، ونفذها بدقة ووعي وإصرار، يؤيد ذلك أن المعري نفسه قد نعته بـ"التأليف"(50)، وبـ"الكتاب"(51)، كما وصف عمله فيه بأنه "تأليف"(52). إذن إنه كتاب مؤلف، قبل أن يكون ديواناً شعرياً، ينطلق فيه الشاعر على سجيته وطبعه وعواطفه، وإن ضمّ شعراً أو نظماً، وصاحبه أيضاً مؤلف وناظم قبل أن يكون شاعراً وإن نظم القريض.
لم يكفِ المعري ما تقدم من تحدٍّ وجهدٍ مضنٍ، أثبت بهما تفوقه على الأوائل، ونجح في ذلك، لأن أتى بما لم يستطيعوه، وإنما أتى إلى تحد آخر في ميدان العروض والقافية أيضاً، وهذا التحدي لم يذكره المعري لا تصريحاً ولا تلميحاً، كما صرح في مقدمة لزومياته باللوازم التي ألزم بها نفسه، وأشرنا إليها من قبل. ويتجلى هذا التحدي الجديد الذي أخفى ذكره المعري تواضعاً لبساطته في رأيه تاركاً القارئ ليصل إليه وحده. نجده في وجوه عدة، منها:
1. أنه ألزم نفسه ـ من غير أن يصرح بذلك ـ بترتيب موحد لأوزان الشعر في كل فصل أو حرف من لزومياته، وهو:
الطويل والمديد والبسيط، وهي من الدائرة العروضية الأولى، دائرة المختلف.
ثم الوافر والكامل، وهما من الدائرة العروضية الثانية، دائرة المؤتلف.
ثم الهزج والرجز والرمل، وهي من الدائرة العروضية الثالثة، دائرة المجتلب.
ثم السريع والمنسرح والخفيف، وهي من الدائرة العروضية الرابعة، دائرة المشتبه.
ثم المتقارب، وهو من الدائرة العروضية الخامسة، دائرة المتفق(53).
هذا الترتيب ينسجم مع ترتيب الدوائر العروضية، وترتيب البحور التي تنفك منها. وهو إلزام آخر، أو كلفة أخرى، أو تحدٍّ جديد.
2. ألزم نفسه أيضاً بترتيب آخر داخل كل بحر، إذ إنه رتب تشكيلات كل بحر كما رتبها الخليل وتلاميذه، أي جاء ترتيب تشكيلة الطويل الأول، وبعدها تشكيلة الطويل الثاني، ثم تشكيلة الطويل الثالث، وكذلك في بقية أوزان الشعر(54). وهذا يدل على أنه اتبع تسلسل البحور وفقاً لتسلسل وجودها في الدوائر العروضية، ووفقاً لتسلسل هذه الدوائر في كتب العروض التي كتبها تلاميذ الخليل. ولكنه لا يعني أنه التزم في كل باب أو فصل أو حرف من أبواب لزومياته بإيراد جميع البحور وتشكيلاتها، وإنما يعني التزامه بترتيب السابق قبل اللاحق في البحور، والتشكيلة السابقة قبل اللاحقة في البحر الواحد.
واللافت للنظر أن المعري في لزومياته لم ينظم على جميع أوزان الشعر العربي الستة عشر، وإنما نظم على ثلاثة عشر بحراً، وأهمل أوزاناً ثلاثة هي المضارع والمقتضب والمتدارك، ولو فعل ذلك لكان هذا لزوماً آخر أو كلفة أخرى تضاف إلى كلفه السابقة، ولعله سار في إهماله للمضارع والمقتضب على خطى المتجزّلين العرب في قديم الزمان الذين رفضوهما بالإضافة إلى المجتث، وقد أشار المعري نفسه إلى ذلك في كتاب الفصول والغايات(55)، كما صرح أيضاً أنهما ـ أي المضارع والمقتضب ـ مفقودان في شعر العرب (56) وكان الأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة قد رفض المقتضب من قبل(57). ولكن المعري مع ذلك تحدث عن المقتضب في "الفصول والغايات" واستشهد بثلاثة أبيات منه، وأشار إلى ميزة موجودة فيه لا توجد في غيره، وهي أن عدد حروفه أربعة وعشرون حرفاً لا تزيد ولا تنقص بزحاف ولا خرم، الأمر الذي يسهّل موضوع المراقبة فيه، ويجعلها مقبولة، والمراقبة أن يكون الحرفان لا يجوز ثباتهما جميعاً، ولا سقوطهما جميعاً، ولكن يثبت هذا تارة، وهذا تارة، أي أن (مفعولات) إما أن تأتي (فعولات) أو (مفعلات)(58).
وأما المتدارك فلم ينظم عليه المعري في لزومياته لأن الخليل لم يشر إليه(59). وتبعه في ذلك كثيرون قبل المعري، مثل ابن جني في كتابه العروض الذي حققته، وبعده مثل حازم القرطاجني(60).
وبالإضافة إلى ذلك نجد لعلم العروض والقوافي في اللزوميات شهباً متناثرة هنا وهناك في صفحاته وأبياته، إذ استعان المعري ببعض مصطلحاته ليؤكد معنى أو ليوضحه أو ليجمله أو ليعلله أو لغير ذلك، مثل قوله:
خَبَر الحياة شرورها وسرورها
من عاش عدة أول المتقارب
وافى بذلك أربعين فما لـه
عذر إذا أمسى قليل تجاربِ(61)
إنه أراد بأول المتقارب أربعين سنة، فهل قصد به المتقارب الأول، وعدة حروفه أربعون، لأنه مؤلف من (فعولن) مكررة ثماني مرات(62). أو أراد المتقارب حرف الميم من لفظ (المتقارب)، وهي في حساب الجمل تساوي أربعين(63)، أو يقصدهما معاً، أو يقصد شيئاً آخر.
ومثل هذا قوله أيضاً:
بُعدي من الناس برء من سقامهمُ
وقربهم للحجى والدين أدواءُ
كالبيت أُفرد لا إبطاءُ يدركه
ولا سنادُ ولا في اللفظ إقواء(64)
يشبه بعده عن الناس وما يؤديه من شفاء له من أمراضهم التي تصيب العقل والدين، يشبِّه ذلك بالبيت الوحيد الذي لم يقل صاحبه غيره، فإنه لوحدته هذه لا يصيبه (إبطاء)، وهو عيب يأتي من تكرار القافية(65) ولا (سناد)(66)، وهو عيب من عيوب القافية يأتي في القصيدة الواحدة بين مؤسس، أي نهايته مثل (العالم)، وبيت غير مؤسس، أي نهايته مثل (سمسم)(67)، ولا (إقواء)، وهو عيب من عيوب القافية أيضاً، يكون في اختلاف حركة إعراب الكلمة الأخيرة في بيت ما عن مثيلتها في غيره من أبيات قصيدته، مثل (الثواءُ) و(السماءِ)(68).
ومثل قوله أيضاً:
بقائي الطويل(69) وغيي البسيط(70)
وأصبحت مضطرباً كالرجزْ(71)
وقوله:
إذا ابنا أب واحد أُلفيا
جواداً وعيراً فلا تعجبِ(72)
فإن الطويل نجيب القريض
أخوه المديد(73) لم ينجب(74)(75)
وهناك أمثلة كثيرة لذلك(76).
ولم يكتف المعري بما التزم به مما لا يلزم في قوافيه من أحرف وحركات، لذلك نجده يلزم نفسه بلزوم آخر، ليثبت تفوقه، ويؤكد تحديه، وهو أن يأتي بقافية تجانس، أو تشابه كلمة سبقتها في حشو البيت نفسه، مثل قوله:
عذيري من الدنيا عرتني بظلمها
فتمنحني قوتي لتأخذ قوَّتي
وما برحت لي ألْوَةٌ حرجيَّةٌ
تصيّر منْ رطْب العضاة أَلُوَّتي(77)
وأراد أيضاً أن يصعّب الأمر لتزداد قوة التحدي فجعل القافية تجانس الكلمة الأولى من بيتها، مثل قوله:
أخُوتُ كما خاتت عُقابٌ لو أنني
قَدَرْتُ على أمرٍ فعدِّ أخوتي(78)
أَبَوْتُكَ يا إثْمي ومن لي بأنني
أَبيتُك فاشكر ـ لا شكرت ـ أُبّوتي
وعلى الرغم من أنَّ ما تقدم يمكن أن يدخل في علم البلاغة الذي يسميه (رد العجز على الصدر)(79)، فإنني أنظر إليه هنا من جانب علم القوافي.
وبالإضافة إلى ما تقدم هناك جوانب أخرى للكلف أو التصنع أو التحدي في غير ميدان العروض والقافية تحتاج إلى دراسة في غير هذا البحث.
وهكذا كانت اللزوميات ميداناً للمعري، تحدى فيه الآخرين من قدامى ومعاصرين له، ثم انطلق من ذلك، يصعِّب على نفسه الأمر، ويزيد من كلفه التي ألزم بها نفسه، وكأني به بعد ما انتهى من تحديه الآخر، انتقل إلى تحدي الذات، مثل اللاعب الذي يحاول كسر الرقم القياسي الذي حققه من قبل برقم قياسي آخر. إنه أراد من لزومياته أن تكون شرحاً تطبيقياً لبيته الشهير:
وإني وإن كنت الأخير زمانه
لآت بما لا تستطعه الأوائل
ومهما يكن من أمر صواب طريق المعري التي سلكها أو خطئها، فإنه أسهم في رسم طريق في الأدب، شعره ونثره، وتأكيدها، سلكها الشعراء والأدباء من بعده، ولم يكونوا يملكون ما كان يملكه من إمكانات هائلة وصبر عجيب، فأدخلوا الأدب العربي في ميادين مختلفة من التصنع كان لها آثارها في فهم الأدب العربي للابتكار فهماً خاصاً، أوصله فيما بعد إلى نوع من العقم كان أصحابه يظنون إبداعاً.
ومن جهة ثانية، إن ما فعله المعري ـ من حيث أراد أو لم يُرد، وسواءٌ أوافقناه عليه أم لم نوافقه ـ في قوافي أشعار لزومياته لدليلٌ ناصعٌ على غنى اللغة العربية ومرونتها وقدرتها على إعطاء الشاعر ما يريد من القوافي لقصائده مهما طالت، ولا تطلب العربية منه حتى تهبه ذلك إلا أن يتقرب منها إخلاصاً وتعلماً، الأمر الذي يغني عن التمرد على القافية وإهمالها ونبذها في الشعر الحديث بحجة صعوبتها، يريد أكثر الداعين إلى ذلك أن يستروا ضعفهم، كما يريد أقلهم بذلك أن يخفوا ما يضمرونه من سوءٍ تجاه الشعر العربي واللغة العربية واتجاهنا نحن العرب.
الهوامش:
(1) الأعلام للزركلي 1/157
(2) الفن ومذاهبه في الشعر العربي /277/ وما بعدها.
(3) سقط الزند 2/525.
(4) أستاذ في جامعة حلب، وعضو مجمع اللغة العربية بدمشق.
(5) مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، المجلد 77، ج3، ص561.
(6) عصر الدول والإمارات، مصر والشام 655.
(7) المرجع نفسه 662.
( الفن ومذاهبه في الشعر العربي 381 ـ 382.
(9) أمية بن أبي الصلت، شاعر جاهلي، أدرك الإسلام، ولم يسلم (الإعلام 2/23).
(10) لزوم ما لا يلزم 1/45 ـ 46.
(11) المصدر نفسه 1/37.
(21) لفهم دلالاتها يمكن الرجوع إلى كتب القوافي مثل مختصر القوافي 20 وما بعدها.
(13) مختصر القوافي 28 وما بعدها.
(14) المصدر نفسه 30 وما بعدها.
(15) لزوم ما لا يلزم 1/16 وما بعدها.
(16) المصدر نفسه 1/37 وما بعدها.
(17) المصدر نفسه 1/43 ـ 44.
(18) أبو العلاء المعري ولزومياته 163.
(19) لزوم ما لا يلزم 36.
(20) القوافي 68 وما بعدها.
(21) لزوم مالا يلزم 1/37 وما بعدها.
(22) المصدر نفسه 1/16.
(23) المصدر نفسه.
(24) المصدر نفسه 1/32.
(25) المصدر نفسه 1/36.
(26) أبو العلاء المعري ولزومياته 166.
(27) لزوم ما لا يلزم 1/36 ـ 37.
(28) أبو العلاء المعري ولزومياته 167.
(29) لزوم ما لا يلزم 1/37.
(30) اعتمدت في هذا الترتيب على جدول في كتاب (أبو العلاء المعري ولزومياته) ص13، بعدما أدخلت عليه بعض التصويبات.
(31) عبد العزيز بن سرايا الطائي (677 ـ 750هـ) الأعلام 4/17 ـ 18.
(32) ديوان الحلي 705 وما بعدها، ولقد درسته في بحث لي منشور في مجلة كلية الآداب، جامعة الإمارات، العدد 6 عام 1990.
(33) سر صناعة الإعراب 2/573 ـ 729.
(34) الأعشى، ميمون بن قيس، شاعر جاهلي من أصحاب المعلقات (الأعلام 7/341).
(35) طرفة بن العبد، شاعر جاهلي من أصحاب المعلقات (الأعلام 3/225).
(36) النابغة الذبياني، زياد بن معاوية، شاعر جاهلي من أصحاب المعلقات (الأعلام 3/54 ـ 55).
(37) عمر بن معد يكرب، شاعر مخضرم، توفي عام 21هـ (الأعلام 5/86).
(38) لزوم ما لا يلزم 1/33 ـ 35.
(39) كُثَيِّر بن عبد الرحمن الخزاعي، يعرف بكثير عَزَّة، شاعر إسلامي، توفي عام 105هـ (الأعلام 5/219).
(40) لزوم ما لا يلزم 1/32.
(41) المهرجان الألفي لأبي العلاء المعري 344.
(42) لزوم ما لا يلزم 2/288.
(43) المصدر نفسه 1/367.
(44) المصدر نفسه 2/359.
(45) المصدر نفسه 1/113.
(46) المصدر نفسه 1/33.
(47) المصدر نفسه 1/46.
(48) المصدر نفسه 1/47 ـ 67.
(49) المصدر نفسه.
(50) المصدر نفسه 1/45.
(51) المصدر نفسه.
(52) المصدر نفسه 1/46.
(53) إيقاع الشعر العربي 23 وما بعدها.
(54) انظر على سبيل المثال لزوم ما لا يلزم 1/523 ـ 534.
(55) الفصول والغايات 131 ـ 132.
(56) المصدر نفسه 132.
(57) العيون الغامزة 209.
(58) الفصول والغايات 87.
(59) الحاشية الكبرى 66.
(60) منهاج البلغاء 243.
(61) لزوم ما لا يلزم 1/144.
(62) العروض لابن جني 147.
(63) الموسوعة العربية الميسرة 1/716.
(64) لزوم ما لا يلزم 1/52.
(65) القوافي 178.
(66) المصدر نفسه 184.
(67) لزوم ما لا يلزم 1/29.
(68) القوافي 165.
(69) البحر الطويل، تفعيلاته: فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن (مكررة) (العروض 59).
(70) البحر البسيط، تفعيلاته: مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن (مكررة) العروض 70).
(71) بحر الرجز، تفعيلاته: مستفعلن مستفعلن مستفعلن (مكررة) (العروض 101).
(72) لزوم ما لا يلزم 1/534.
(73) بحر المديد، تفعيلاته: فاعلاتن فاعلن فاعلاتن (مكررة) (العروض 64).
(74) أي هما بحران أخوان، لأنهما ينتميان إلى الدائرة العروضية الأولى، دائرة المختلف، ومع ذلك فإن الشعراء أكثروا من النظم على الطويل على نقيض المديد لاختلافهما الموسيقي (إيقاع الشعر العربي 28 ـ 30، 126 ـ 130).
(75) لزوم ما لا يلزم 1/148.
(76) انظر على سبيل المثال المصدر السابق 1/297 ـ 528.
(77) المصدر نفسه 1/180.
(78) المصدر نفسه.
(79) شرح الكافية البديعية 82.
المصادر والمراجع
ـ أبو العلاء ولزومياته، د/ كمال اليازجي، دار الجيل، بيروت 1988.
ـ الأعلام، خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت 1984.
ـ إيقاع الشعر العربي، دراسة في فلسفة العروض، د/ أحمد فوزي الهيب، دار القلم العربي، حلب 2003.
ـ الحاشية الكبرى على متن الكافي (الإرشاد الشافي)، الدمنهوري، دار إحياء الكتب القديمة، مصر، بلا تاريخ.
ـ ديوان صفي الدين الحلي، دار صادر، بيروت، بلا تاريخ.
ـ سر صناعة الإعراب، ابن جني، ت: د/ حسن هنداوي، دار القلم، دمشق 1985.
ـ سقط الزند للمعري، ت: مجموعة من الأساتذة بإشراف د/ طه حسين، دار الكتب، مصر 1945.
ـ شرح الكافية البديعية، الحلي، ت: د/ نسيب نشاوي، مجمع اللغة العربية، دمشق، 1982.
ـ العروض، ابن جني، ت: د/ أحمد فوزي الهيب، دار القلم، الكويت 1987.
ـ عصر الدول والإمارات، مصر والشام، د/ شوقي ضيف، دار المعارف، مصر 1984.
ـ العيون الغامزة على خبايا الرامزة، الدماميني، ت: الحساني حسن عبد الله، مطبعة المدني، القاهرة 1973.
ـ الفصول والغايات، أبو العلاء المعري، ضبطها محمود حسن زناتي، دار الآفاق الجديدة، بيروت، بلا تاريخ.
ـ الفن ومذاهبه في الشعر العربي، د/ شوقي ضيف، دار المعارف، القاهرة 1978.
ـ القوافي، التنوخي، ت: د/ عوني عبد الرؤوف، مكتبة الخانجي، مصر 1978.
ـ لزوم ما لا يلزم (اللزوميات)، أبو العلاء المعري، ت: د/ كمال اليازجي، دار الجيل، بيروت 1992.
ـ مختصر القوافي، ابن جني، ت: د/ حسن شاذلي فرهود، دار المعارف السعودية، الرياض 1977.
ـ منهاج البلغاء وسراج الأدباء، حازم القرطاجني، ت: د/ محمد الحبيب ابن الخوجة، دار الغرب الإسلامي، بيروت 1981.
ـ المهرجان الألفي لأبي العلاء المعري، نسخة مصورة عن طبعة مجمع اللغة العربية بدمشق، دار صادر، بيروت 1994.
ـ الموسوعة العربية الميسرة، إشراف محمد شفيق غربال، دار الشعب، مصر 1965.
ـ مجلة كلية الآداب، جامعة الإمارات العربية المتحدة.
ـ مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق.
مثَّل المعري فكرة التحدي هذه في عصره خير تمثيل، ونجد ذلك واضحاً في قوله الشهير مفتخراً:
وإني وإن كنت الأخير زمانه
لآتٍ بما لم تستطعه الأوائلُ(3)
إنه لم يتحد أبناء عصره فقط، وإنما تحدى الأوائل المتقدمين الذين يُشار لهم بالبنان، ويُقَرُّ لهم بالتفوق، وأكّد أنه سيتفوق عليهم، وسيأتي بما لم يستطيعوه. ولعل عاهة العمى لديه زادت في تأجيج فكرة التحدي عنده وتأكيدها وملازمتها له ليله ونهاره. إنه أراد ـ من حيث يدري أو لا يدري، شعورياً أو لا شعورياً ـ أن يكون بدعاً في عصره، لا يستطيع معاصروه، كما لم يستطع سابقوه، أن يصلوا إلى الذروة التي وصل إليها وتربع فوقها، ولعل خير ما يمثل تلك الإرادة ديوانه الأشهر "لزوم ما لا يلزم"، وله طبعات كثيرة بلغت ثلاث عشرة، استعرضها الأخ العالم الدكتور صلاح كزارة(4) ووصّفها، ورجّح واحدة منها، اعتمدتها في بحثي هذا، وهي طبعة حررها وشرحها الدكتور كمال اليازجي معتمداً على عدد من الأصول المخطوطة والمطبوعة، صدرت عن دار الجيل في بيروت عام 1996، وقال عنها الدكتور كزارة: "وهذه الطبعة في رأيي أكمل مطبوعات اللزوميات، وهي محققة تحقيقاً علمياً جيداً، ولكن على الرغم من الجهد الكبير الضخم المبذول فيها احتوت على أخطاء في الضبط، ولم تنج من بعض التحريف والتصحف، ومن الفهم والتفسير الخاطئين لبعض الأبيات"(5).
نظم المعري لزومياته هذه بعدما أنف من سيره في طريق سابقيه من الشعراء مثل المتنبي الذي كان معجباً به أيّما إعجاب في ديوانه (سقط الزند). إنه أراد أن يسير في طريق بكر جديدة، لم يسبقه سابق من بدء الشعر العربي حتى عصره، وإلى أن يرث الله الأرض وما عليها، كما أراد أيضاً أن يتحدى نفسه أو صنيعه في ديوانه الآنف الذكر (سقط الزند). إنه أراد بلزومياته أن يصل ذروة سامقة لم تطأها أية قدم، ولا حتى قدمه من قبل، فكانت اللزوميات.
اللزوميات، أو لزوم ما لا يلزم، ديوان شعر كبير، يختلف عن جميع دواوين الشعر العربي السابقة له واللاحقة، وقف به المعري مكاناً قصياً، ولهذا الديوان جوانب ثرية عدة، ولكن الذي يعنينا الآن جانب الشكل فيه، وهو جانب هام متعدد الوجوه، لا يمكن لبحث واحد أن يعطيه حقه، لذلك آثرت الآن أن أدرس جزءاً منه، وهو جانب العروض والقوافي فقط، لعلّي أوفيه بعض حقه، أو أصل إلى شيء ما فيه.
وكما أن جانب العروض والقوافي لا يلغي غيره من جوانب الشكل في اللزوميات، مثل غلوه في استخدام الغريب، وتصنع الجناس وألفاظ الثقافات المختلفة وغيرها(6)، فإن جانب الشكل فيها أيضاً لا يلغي جانب المضمون الذي يتضمن كثيراً من جوانب فلسفته أو تفكيره الفلسفي(7). ولكن الذي يهمنا الآن هو أيّ الأمرين الشكل أو المضمون كان الأهم لدى المعري في أثناء تخطيطه للزوميات وتنفيذه لها. وقبل أن نجيب على هذا التساؤل، نستقرئ مقدمة اللزوميات التي كتبها المعري، وهي مقدمة متميزة لطولها وغناها ودقتها وتفصيلاتها، لا نرى لها مثيلاً في أي ديوان من دواوين العربية، لقد بلغ عدد صفحاتها قرابة اثنتين وثلاثين صفحة، استغرق الحديث عن المضمون فيها أقل من صفحة في أولها، ومثل ذلك في آخرها، وأما الباقي، وقدره قرابة ثلاثين صفحة، خصصه المعري للحديث عن الشكل، عن القافية وتفصيلاتها وما إلى ذلك. وقِصَرُ الحديث عن المضمون، وطَولَه عن القافية يدلان على هدف المعري في لزومياته، وهو التحدي في ميدان هندسة الشكل وبنائه بناء معمارياً متميزاً، فإذا أضفنا إلى هذا أن معاني اللزوميات كانت في تمجيد الله تعالى، وتذكرة الغافلين، والتحذير من الدنيا، ومن النساء، والدعوة إلى الزهد والتقشف، ونقد جوانب الحياة المختلفة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وانحرافات مدّعي التدين والتصوف، ولقد لف ذلك كله تشاؤم واسع، دعا إلى تحطيم العالم بالامتناع عن الزواج والتكاثر، حتى ينتهي وجود الإنسان في هذه الدنيا. وهذه معانٍ أصولها ليست جديدة، وإنما معروفة نجدها لدى كثير من الشعراء قبل المعري مثل أبي العتاهية والمتنبي، ولكنَّه كثَّرها ووسَّعها لتكون في ديوان كبير خاص(، أقول: إذا أضفنا هذا تأكد لنا رجحان أهمية جانب الشكل على جانب المضمون في اللزوميات، وبخاصة إن المعري نفسه، وفي آخر مقدمته، أشار بوضوح إلى "أن من سلك في هذا الأسلوب ضَعُفَ ما ينطق به من النظام، لأنه يتوخى الصادقة، ويطلب من الكلام البَرَّة، ولذلك ضعف كثير من شعر أمية بن أبي الصلت الثقفي(9)، ومن أخذ في فَرِيَّة من أهل الإسلام، ويروى عن الأصمعي كلام معناه أن الشعر باب من أبواب الباطل، فإذا أُريد به غير وجهه ضعف، فقد وجدنا الشعراء توصلوا إلى تحسين المنطق بالكذب، وهو من القبائح(10)"، الأمر الذي يدل على ما ذهبنا إليه ورجحناه، وهو أن جانب الشكل بعامة، وجانب العروض والقافية بخاصة هو الأول والأسبق والأهم، يتلوه جانب المعنى على أهميته، وهو ـ أي جانب الشكل ـ الذي يضم بين جوانحه عنصر التحدي الذي أراده المعري، وأعلنه صراحة في مقدمته للزوميات(11). ومما يؤكد هذا أيضاً ذلك البسط المفصل الذي كاد أن يكون جامعاً مانعاً لعلم القوافي، شمل شرح لوازم القافية من الحروف، مثل الروي والتأسيس والردف والوصل والخروج(12)، وكذلك لوازمها من الحركات مثل الرس والإشباع والحذو والتوجيه والمجرى والنفاذ(13)، كما ذكر أيضاً عيوبها مثل السناد والإكفاء والإقواء (14)(15)، ثم تحدث عن خلط بعض العلماء والشعراء بين الروي والوصل وأخطاء ترتيب القصائد في دواوين الشعراء المحدثين(16)، وقسّم القوافي تبعاً لصفاتها، إلى ذُلُل ونُفُر وحوش(17)، وشرح ذلك كله بتفصيل ودقة، وأيده بالبراهين معتمداً على آراء كبار علماء الشعر والعروض والقوافي والنحو واللغة مثل الخليل والأخفش والفرّاء وأبي عبيدة وأبي عمرو ابن العلاء والأصمعي والزجاج وابن السراج والجرمي وغيرهم، كما أيَّد ذلك بكثير من الأمثلة من شعر الأقدمين الذين يحتج بأشعارهم مثل زهير والحطيئة والعجاج وغيرهم موضحاً محللاً مقارناً فيما بينها، ومقارناً لها مع آرائه الكثيرة المتميزة المتسمة بالعمق والدقة والذوق، والتي نثرها في أثناء بحثه، وبسطها، ودعمها بآراء العلماء وبالحجج العقلية التي تشهد له ببراعة النقد ودقة التحليل(18) موافقاً لهم تارة ومخالفاً تارة أخرى، ومعللاً ذلك كله(19).
إننا نستطيع أن نعدّ مقدمته للزوميات ـ من غير مبالغة ـ كتاباً في القوافي، لولا أنه لم يذكر فيها تعريف القافية وأضربها مثل: المتكاوس والمتراكب والمتدارك والمتواتر والمترادف(20)، إنه بسط كاد أن يكون جامعاً مانعاً لعلم القوافي شمل جزئياته كلها تقريباً شمولاً جعله يتفوق على غيره من كتب القوافي، ككتاب (مختصر القوافي) لابن جني، من حيث المعلومات وغزارتها وتفصيلاتها مثل ذكر المعري للمآخذ على الخلط بين الروي والوصل(21).
خشي المعري أن يقرأ لزومياته قارئ غير ملم بعلم القوافي، وهو علم لا يعرفه، بعامة، إلا المختصون، وهم قلة من أهل العلم، فلا يستطيع أن يدرك مراميه وأبعاد عبقريته وتحديه وعظمة كتابه وتميزه، لذلك كتب هذه المقدمة المتخصصة، الأمر الذي يدل على ما ذهبت إليه من قبل. وأحب أيضاً أن أشير، لأؤكد ذلك، إلى العنوان الذي وضعه المعري لديوانه هذا، وهو (لزوم ما لا يلزم)، لأنه يدل على أهمية القافية فيه، لأنه ـ أي لزوم ما لا يلزم ـ خاص بالقافية لا بسواها، ولقد شرح المعري معنى العنوان في مقدمته بقوله: "ومعنى هذا اللقب أن القافية تلزم لها لوازم لا يفتقر إليها حشو البيت"(23). وكذلك أود أن أنبه إلى أمر مهم جداً جاء أيضاً في مقدمة اللزوميات بوضوح وتفصيل وعناية بعد ذكر لوازم القافية من حروف وحركات، وهو قول المعري: "فإذا جاء في الشعر شيء قد اتفق أن يَلْزَمَ قائلُهُ شيئاً غير هذه اللوازم فهو متبرع بذلك"(24)، أي ألزم نفسه بما لم يلزمه به علم القوافي، ليبيّن علمه وإمكاناته وقدرته وتميزه وتحديه للآخرين.
وفضلاً عن ذلك نرى المعري قد وضَّح أيضاً وبتفصيل ما تميزت به اللزوميات، أو جانب التحدي فيها، وذلك بقوله: "وقد بنيت هذا الكتاب على بنية حروف المعجم"(25)، وهذا أمر جديد، يدل على عجب بالنفس واعتداد بالمقدرة الشخصية(26)، لم يسبق إليه أحد من الشعراء المتقدمين أو المحدثين، وإن كان المحدثون أقل بعداً من المتقدمين في نظمهم على أكثر حروف العربية، وعلل المعري تقصيرهم ـ كما كان يرى ـ بأنهم كانوا يتبعون الخاطر، أي الطبع، كأنه هادي الركبان أينما سلك فهم له تابعون(27)، إنه أنكر ذلك عليهم مع أنه الأصل في الشعر والشعراء، ولأن الطبع هو الأول والاستجابة له هي الغاية، ولأن الشكل في المرتبة التالية أو الوسيلة، بَيْدَ أنَّ المعري استبدل بالغاية الوسيلة، وبالوسيلة الغاية، دفعه ذلك فهم عصره ومعاصريه، وفهمه للتجديد وللشعر، الأمر الذي جعله يعد صنيعهم تقصيراً ودليلاً على ضعفهم(28).
وإلى جانب ما سبق نجد في مقدمة المعري للزوميات قولـه: "وقد تكلفت في هذا التأليف ثلاث كلف:
الأولى: أنه ينتظم حروف المعجم عن آخرها.
والثانية: أن يجيء رويه بالحركات الثلاث وبالسكون بعد ذلك.
والثالثة: أنه لُزم مع كل روي فيه شيء لا يلزم من باء وتاء أو غير ذلك من
الحروف(29).
أما بالنسبة إلى الكلفة الأولى، فإن المعري لم يترك حرفاً من حروف العربية إلا وجعله روياً لقصائد أو مقطعات، ورتبها بحسب الترتيب الألفبائي، ولكنه لم يلتزم في كل حرف عدداً معيناً من القصائد أو المقطعات، تضم عدداً محدداً من الأبيات، وذلك لأن حروف العربية تختلف فيما بينها من حيث سهولة النطق وصعوبته، ومن حيث الكثرة والندرة، ومن حيث الجمال والقبح، وبناء على ذلك أتت أبيات قصائده موزعة تبعاً لرويها على حروف العربية على الترتيب التالي، الأكثر ثم الكثير ثم القليل ثم الأقل وهكذا، الراء ثم اللام ثم الميم ثم النون ثم الباء ثم الدال ثم السين ثم التاء ثم الهاء ثم الكاف ثم القاف ثم العين ثم الفاء ثم الهمزة ثم الجيم ثم الحاء ثم الياء ثم الزاي ثم الألف ثم الطاء ثم الشين ثم الضاد ثم الثاء ثم الصاد ثم الذال ثم الخاء ثم الواو ثم الظاء ثم الغين(30)، وهذا أمر سبق إليه المعري إذ لم يفعله قبله شاعر أبداً، وبذلك كان له فضل الريادة في ذلك، وأنه أتى بما لم يستطعه الأوائل كما كان يرى، وأما الشعراء الذين أتوا بعده فقد ساروا على هدى المعري فنظموا قصائدهم على جميع الحروف مثل صفي الدين الحلي(31) في ديوانه (درر النحور في امتداح الملك المنصور(32).
وأما بالنسبة إلى مجيء الروي بالحركات الثلاث وبالسكون فلقد تفرد به وسبق إليه المعري، ولا نعلم أن أحداً من الشعراء الذين عاصروه أو أتوا بعده سار على منواله. ولقد رتب الحركات الثلاث على الشكل التالي، الضم أولاً ثم الفتح ثم الكسر ثم السكون، أي جعل القصائد والمقطعات ذات الروي المرفوع تأتي قبل مثيلاتها ذات الروي المنصوب، ثم تأتي مثيلاتها ذات الروي المكسور بعدها، وفي الأخير تأتي مثيلاتها المقيدة، أو ذات الروي الساكن. وتساءلت عن سبب هذا الترتيب، وبحثت الأمر مع بعض أهل العلم، فلم أجد لديهم جواباً، ثم رجحت بعد ذلك أن يكون ترتيبه هذا مبنياً على الترتيب الألفبائي الذي رتب على هداه ابن جني مواد كتابه "سر صناعة الإعراب"(33)، وفي هذا الترتيب الألفبائي نجد أن الواو سبقت الألف ثم جاءت الياء بعدهما، وبما أن الضمة واو صغيرة، والفتحة ألف صغيرة، والكسرة ياء صغيرة، ساغ أن يكون ترتيبها مثل ترتيب حروفها المنتمية إليها، وأما الروي الساكن أو المقيد فمن الطبيعي أن يأتي ترتيب قصائده ومقطعاته في الأخير من الأبيات ذات الروي المكسور.
وأما بالنسبة إلى التزام المعري مع روي البيت بشيء من باء وتاء وغير ذلك، فلقد سبقه إليه شعراء عدة، ولكن في أبيات قليلة، وقد ذكر ذلك المعري في مقدمته للزوميات، وذكر أسماءهم وبعضاً من أبياتهم مثل الأعشى(34) وطرفة بن العبد(35) والنابغة(36) وعمرو ابن معد يكرب(37) وغيرهم من القدماء(38). كما ذكر المعري أيضاً كثيِّر عزة(39) وقصيدته التي مطلعها:
خليليَّ هذا ربع عزة فاعقلا
قلوصيكما ثم أحللا حيث حلّتِ(40)
ومثل صنيع كُثيِّر صَنَعَ البحتري في قصيدةٍ مقصورة التزم قبلها الواو، وابن الرومي في عدد من قصائده(41). ولم ينكر ذلك المعري بل ذكره في مقدمة لزومياته، وفي بعض شعره إذ يقول:
كثيّرُ أنا في حرفي أبهت له
في التاء يلزم حرفاً ليس يُلتزم(42)
ولكن مع هذا فإن المعري لم يلتزم حرفاً مع التاء أو الكاف فقط ليقويهما، لأنهما ضعيفان من حروف الهمس، وإنما التزم مع غيرهما من الحروف القوية حرفاً واحداً، مثل قوله:
كيف احتيالك والقضاء مدبرُ
تجني الأذى وتقول إنك مخيرُ(43)
وحرفين اثنين، مثل قوله:
وكم وجم الفتى من بعد ضحكٍ
وأُضحك بعد إفراط الوجومِ(44)
وأكثر من ذلك، مثل قوله:
فكونوا جياداً ضُمِّرتْ خوف غارة
صوائم إلا منْ شكيمٍِ تلوكها(45)
وصف المعري التزام هؤلاء الشعراء الآنف ذكرهم بأنه دليل قوة، ولو تركوه لم يدخل أشعارهم ضعف، لذلك سلك مسلكهم، وزاد عليهم ليتحداهم، وليبرهن أنه أقوى منهم. ولقد كان تميزه عليهم في جانبين اثنين:
1 . في عدد الحروف الملتزمة جانب الروي، إذ فضلهم كثرة.
2 . في التزامهم حرفاً واحداً مع تاء التأنيث أو كاف الإضمار، وهما ضعيفتان، لأنهما من حروف الهمس، أو مع الهاء، وهي شبيهة بحروف اللين لخفائها، فأرادوا تقوية هذه الحروف بحرف آخر التزموه معها(46)، أما المعري فقد كان التزامه مع حروف قوية مثل الباء والميم واللام وغيرها مما لا تحتاج إلى تقوية.
ثم ذكر المعري في نهاية مقدمته عدد فصول ديوانه، وهو مئة وثلاثة عشر فصلاً، لأن لكل حرف أربعة فصول، فصل لكل حركة من الحركات الثلاث، الضم والفتح والكسر، ورابع للسكون، إلا الألف وحدها فلها فصل واحد، لأنها لا تكون إلا ساكنة(47).
وكما كانت أعداد أبيات كل حرف مختلفة متفاوتة، كذلك كانت أعداد أبيات كل حركة متفاوتة أيضاً، لم يلتزم المعري فيها عدداً معيناً لا يتغير كثرة أو قلة، فمجموع أبيات حرف الهمزة مثلاً كان مئتين وستين بيتاً، موزعة بشكل غير متساوٍ بين حركة الضم، وعدد أبياتها مئة واثنان وسبعون بيتاً. وحركة الفتح، وعدد أبياتها ستة عشر، وحركة الكسر، وعدد أبياتها اثنان وعشرون(48).
وكذلك كان صنيع المعري أيضاً مع بحور الشعر، فلم ينظم عليها جميعها، وسنتحدث عن هذا فيما بعد، ولم يجعل أبياتها متساوية، ففي حرف الهمزة الذي اتخذناه مثالاً آنفاً نجد أبياته موزعة على البحور كما يلي: الطويل تسعة وستون بيتاً، والبسيط ستة وأربعون بيتاً، والوافر أربعة وثلاثون بيتاً، والكامل تسعة وعشرون بيتاً، والمنسرح سبعة أبيات، والخفيف ثلاثة وخمسون بيتاً، والسريع اثنان وعشرون بيتاً(49) والجدول التالي يوضح ما تقدم، وشبيه به ما نراه في بقية الحروف.
جدول يوضح توزيع أبيات حرف الهمزة في اللزوميات
الطويل
البسيط
الوافر
الكامل
المنسرح
الخفيف
السريع
مجموع عدد أبيات كل حركة والسكون مع الهمزة
الهمزة المضمومة
47
34
26
17
7
41
172
الهمزة المفتوحة
2
5
6
3
16
الهمزة المكسورة
22
10
3
6
9
50
السكون
22
22
مجموع عدد أبيات كل بحر
69
46
34
29
7
53
22
260
إن تقسيم المعري للزومياته تبعاً لحروف المعجم ولكل حركة من ضم وفتح وكسر ثم سكون، يجعلنا أمام مهندس معمار مدقق واع، قد رسم مخططاً دقيقاً لمجمع سكني كبير دقيق متناظر متكامل مؤلف من تسعة وعشرين بناء، ثمانية وعشرون بناء متشابهاً، يتألف كل منها من أربعة أجنحة، وبناء واحد هو التاسع والعشرون، تميز عنها ليكسر اطراد هذا التشابه، فكان فيه جناح واحد فقط. وهذا التشابه بين هذه الأبنية وعدد أجنحتها جمّله بكسر رتابته تنوع عدد الغرف في كل جناح، واتساع كل غرفة من غرفه، وتنوع ما فيها، إنه مجمع سكني أو ضاحية سكنية تجمع بين الاطراد والرتابة والتشابه من جهة، والتغيير والاختلاف من جهة أخرى. إن التشابه يدل على أننا أمام مهندس معمار عبقري، كما أن تكثيره لعدد الغرف، أو عدد القصائد والمعطيات، وعدد أبيات كل منها، يدل على ذوق هذا المعمار وقدرته التي حمته من أن يتعب أو يلهث في أثناء عمله أو في نهايته.
إن اللزوميات بناء على ما تقدم ليست ديواناً شعرياً كغيره من دواوين الشعراء الذين سبقوا المعري أو عاصروه، وإنما هو كتاب أو مؤلف، وضع له صاحبه خطة محكمة، ونفذها بدقة ووعي وإصرار، يؤيد ذلك أن المعري نفسه قد نعته بـ"التأليف"(50)، وبـ"الكتاب"(51)، كما وصف عمله فيه بأنه "تأليف"(52). إذن إنه كتاب مؤلف، قبل أن يكون ديواناً شعرياً، ينطلق فيه الشاعر على سجيته وطبعه وعواطفه، وإن ضمّ شعراً أو نظماً، وصاحبه أيضاً مؤلف وناظم قبل أن يكون شاعراً وإن نظم القريض.
لم يكفِ المعري ما تقدم من تحدٍّ وجهدٍ مضنٍ، أثبت بهما تفوقه على الأوائل، ونجح في ذلك، لأن أتى بما لم يستطيعوه، وإنما أتى إلى تحد آخر في ميدان العروض والقافية أيضاً، وهذا التحدي لم يذكره المعري لا تصريحاً ولا تلميحاً، كما صرح في مقدمة لزومياته باللوازم التي ألزم بها نفسه، وأشرنا إليها من قبل. ويتجلى هذا التحدي الجديد الذي أخفى ذكره المعري تواضعاً لبساطته في رأيه تاركاً القارئ ليصل إليه وحده. نجده في وجوه عدة، منها:
1. أنه ألزم نفسه ـ من غير أن يصرح بذلك ـ بترتيب موحد لأوزان الشعر في كل فصل أو حرف من لزومياته، وهو:
الطويل والمديد والبسيط، وهي من الدائرة العروضية الأولى، دائرة المختلف.
ثم الوافر والكامل، وهما من الدائرة العروضية الثانية، دائرة المؤتلف.
ثم الهزج والرجز والرمل، وهي من الدائرة العروضية الثالثة، دائرة المجتلب.
ثم السريع والمنسرح والخفيف، وهي من الدائرة العروضية الرابعة، دائرة المشتبه.
ثم المتقارب، وهو من الدائرة العروضية الخامسة، دائرة المتفق(53).
هذا الترتيب ينسجم مع ترتيب الدوائر العروضية، وترتيب البحور التي تنفك منها. وهو إلزام آخر، أو كلفة أخرى، أو تحدٍّ جديد.
2. ألزم نفسه أيضاً بترتيب آخر داخل كل بحر، إذ إنه رتب تشكيلات كل بحر كما رتبها الخليل وتلاميذه، أي جاء ترتيب تشكيلة الطويل الأول، وبعدها تشكيلة الطويل الثاني، ثم تشكيلة الطويل الثالث، وكذلك في بقية أوزان الشعر(54). وهذا يدل على أنه اتبع تسلسل البحور وفقاً لتسلسل وجودها في الدوائر العروضية، ووفقاً لتسلسل هذه الدوائر في كتب العروض التي كتبها تلاميذ الخليل. ولكنه لا يعني أنه التزم في كل باب أو فصل أو حرف من أبواب لزومياته بإيراد جميع البحور وتشكيلاتها، وإنما يعني التزامه بترتيب السابق قبل اللاحق في البحور، والتشكيلة السابقة قبل اللاحقة في البحر الواحد.
واللافت للنظر أن المعري في لزومياته لم ينظم على جميع أوزان الشعر العربي الستة عشر، وإنما نظم على ثلاثة عشر بحراً، وأهمل أوزاناً ثلاثة هي المضارع والمقتضب والمتدارك، ولو فعل ذلك لكان هذا لزوماً آخر أو كلفة أخرى تضاف إلى كلفه السابقة، ولعله سار في إهماله للمضارع والمقتضب على خطى المتجزّلين العرب في قديم الزمان الذين رفضوهما بالإضافة إلى المجتث، وقد أشار المعري نفسه إلى ذلك في كتاب الفصول والغايات(55)، كما صرح أيضاً أنهما ـ أي المضارع والمقتضب ـ مفقودان في شعر العرب (56) وكان الأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة قد رفض المقتضب من قبل(57). ولكن المعري مع ذلك تحدث عن المقتضب في "الفصول والغايات" واستشهد بثلاثة أبيات منه، وأشار إلى ميزة موجودة فيه لا توجد في غيره، وهي أن عدد حروفه أربعة وعشرون حرفاً لا تزيد ولا تنقص بزحاف ولا خرم، الأمر الذي يسهّل موضوع المراقبة فيه، ويجعلها مقبولة، والمراقبة أن يكون الحرفان لا يجوز ثباتهما جميعاً، ولا سقوطهما جميعاً، ولكن يثبت هذا تارة، وهذا تارة، أي أن (مفعولات) إما أن تأتي (فعولات) أو (مفعلات)(58).
وأما المتدارك فلم ينظم عليه المعري في لزومياته لأن الخليل لم يشر إليه(59). وتبعه في ذلك كثيرون قبل المعري، مثل ابن جني في كتابه العروض الذي حققته، وبعده مثل حازم القرطاجني(60).
وبالإضافة إلى ذلك نجد لعلم العروض والقوافي في اللزوميات شهباً متناثرة هنا وهناك في صفحاته وأبياته، إذ استعان المعري ببعض مصطلحاته ليؤكد معنى أو ليوضحه أو ليجمله أو ليعلله أو لغير ذلك، مثل قوله:
خَبَر الحياة شرورها وسرورها
من عاش عدة أول المتقارب
وافى بذلك أربعين فما لـه
عذر إذا أمسى قليل تجاربِ(61)
إنه أراد بأول المتقارب أربعين سنة، فهل قصد به المتقارب الأول، وعدة حروفه أربعون، لأنه مؤلف من (فعولن) مكررة ثماني مرات(62). أو أراد المتقارب حرف الميم من لفظ (المتقارب)، وهي في حساب الجمل تساوي أربعين(63)، أو يقصدهما معاً، أو يقصد شيئاً آخر.
ومثل هذا قوله أيضاً:
بُعدي من الناس برء من سقامهمُ
وقربهم للحجى والدين أدواءُ
كالبيت أُفرد لا إبطاءُ يدركه
ولا سنادُ ولا في اللفظ إقواء(64)
يشبه بعده عن الناس وما يؤديه من شفاء له من أمراضهم التي تصيب العقل والدين، يشبِّه ذلك بالبيت الوحيد الذي لم يقل صاحبه غيره، فإنه لوحدته هذه لا يصيبه (إبطاء)، وهو عيب يأتي من تكرار القافية(65) ولا (سناد)(66)، وهو عيب من عيوب القافية يأتي في القصيدة الواحدة بين مؤسس، أي نهايته مثل (العالم)، وبيت غير مؤسس، أي نهايته مثل (سمسم)(67)، ولا (إقواء)، وهو عيب من عيوب القافية أيضاً، يكون في اختلاف حركة إعراب الكلمة الأخيرة في بيت ما عن مثيلتها في غيره من أبيات قصيدته، مثل (الثواءُ) و(السماءِ)(68).
ومثل قوله أيضاً:
بقائي الطويل(69) وغيي البسيط(70)
وأصبحت مضطرباً كالرجزْ(71)
وقوله:
إذا ابنا أب واحد أُلفيا
جواداً وعيراً فلا تعجبِ(72)
فإن الطويل نجيب القريض
أخوه المديد(73) لم ينجب(74)(75)
وهناك أمثلة كثيرة لذلك(76).
ولم يكتف المعري بما التزم به مما لا يلزم في قوافيه من أحرف وحركات، لذلك نجده يلزم نفسه بلزوم آخر، ليثبت تفوقه، ويؤكد تحديه، وهو أن يأتي بقافية تجانس، أو تشابه كلمة سبقتها في حشو البيت نفسه، مثل قوله:
عذيري من الدنيا عرتني بظلمها
فتمنحني قوتي لتأخذ قوَّتي
وما برحت لي ألْوَةٌ حرجيَّةٌ
تصيّر منْ رطْب العضاة أَلُوَّتي(77)
وأراد أيضاً أن يصعّب الأمر لتزداد قوة التحدي فجعل القافية تجانس الكلمة الأولى من بيتها، مثل قوله:
أخُوتُ كما خاتت عُقابٌ لو أنني
قَدَرْتُ على أمرٍ فعدِّ أخوتي(78)
أَبَوْتُكَ يا إثْمي ومن لي بأنني
أَبيتُك فاشكر ـ لا شكرت ـ أُبّوتي
وعلى الرغم من أنَّ ما تقدم يمكن أن يدخل في علم البلاغة الذي يسميه (رد العجز على الصدر)(79)، فإنني أنظر إليه هنا من جانب علم القوافي.
وبالإضافة إلى ما تقدم هناك جوانب أخرى للكلف أو التصنع أو التحدي في غير ميدان العروض والقافية تحتاج إلى دراسة في غير هذا البحث.
وهكذا كانت اللزوميات ميداناً للمعري، تحدى فيه الآخرين من قدامى ومعاصرين له، ثم انطلق من ذلك، يصعِّب على نفسه الأمر، ويزيد من كلفه التي ألزم بها نفسه، وكأني به بعد ما انتهى من تحديه الآخر، انتقل إلى تحدي الذات، مثل اللاعب الذي يحاول كسر الرقم القياسي الذي حققه من قبل برقم قياسي آخر. إنه أراد من لزومياته أن تكون شرحاً تطبيقياً لبيته الشهير:
وإني وإن كنت الأخير زمانه
لآت بما لا تستطعه الأوائل
ومهما يكن من أمر صواب طريق المعري التي سلكها أو خطئها، فإنه أسهم في رسم طريق في الأدب، شعره ونثره، وتأكيدها، سلكها الشعراء والأدباء من بعده، ولم يكونوا يملكون ما كان يملكه من إمكانات هائلة وصبر عجيب، فأدخلوا الأدب العربي في ميادين مختلفة من التصنع كان لها آثارها في فهم الأدب العربي للابتكار فهماً خاصاً، أوصله فيما بعد إلى نوع من العقم كان أصحابه يظنون إبداعاً.
ومن جهة ثانية، إن ما فعله المعري ـ من حيث أراد أو لم يُرد، وسواءٌ أوافقناه عليه أم لم نوافقه ـ في قوافي أشعار لزومياته لدليلٌ ناصعٌ على غنى اللغة العربية ومرونتها وقدرتها على إعطاء الشاعر ما يريد من القوافي لقصائده مهما طالت، ولا تطلب العربية منه حتى تهبه ذلك إلا أن يتقرب منها إخلاصاً وتعلماً، الأمر الذي يغني عن التمرد على القافية وإهمالها ونبذها في الشعر الحديث بحجة صعوبتها، يريد أكثر الداعين إلى ذلك أن يستروا ضعفهم، كما يريد أقلهم بذلك أن يخفوا ما يضمرونه من سوءٍ تجاه الشعر العربي واللغة العربية واتجاهنا نحن العرب.
الهوامش:
(1) الأعلام للزركلي 1/157
(2) الفن ومذاهبه في الشعر العربي /277/ وما بعدها.
(3) سقط الزند 2/525.
(4) أستاذ في جامعة حلب، وعضو مجمع اللغة العربية بدمشق.
(5) مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، المجلد 77، ج3، ص561.
(6) عصر الدول والإمارات، مصر والشام 655.
(7) المرجع نفسه 662.
( الفن ومذاهبه في الشعر العربي 381 ـ 382.
(9) أمية بن أبي الصلت، شاعر جاهلي، أدرك الإسلام، ولم يسلم (الإعلام 2/23).
(10) لزوم ما لا يلزم 1/45 ـ 46.
(11) المصدر نفسه 1/37.
(21) لفهم دلالاتها يمكن الرجوع إلى كتب القوافي مثل مختصر القوافي 20 وما بعدها.
(13) مختصر القوافي 28 وما بعدها.
(14) المصدر نفسه 30 وما بعدها.
(15) لزوم ما لا يلزم 1/16 وما بعدها.
(16) المصدر نفسه 1/37 وما بعدها.
(17) المصدر نفسه 1/43 ـ 44.
(18) أبو العلاء المعري ولزومياته 163.
(19) لزوم ما لا يلزم 36.
(20) القوافي 68 وما بعدها.
(21) لزوم مالا يلزم 1/37 وما بعدها.
(22) المصدر نفسه 1/16.
(23) المصدر نفسه.
(24) المصدر نفسه 1/32.
(25) المصدر نفسه 1/36.
(26) أبو العلاء المعري ولزومياته 166.
(27) لزوم ما لا يلزم 1/36 ـ 37.
(28) أبو العلاء المعري ولزومياته 167.
(29) لزوم ما لا يلزم 1/37.
(30) اعتمدت في هذا الترتيب على جدول في كتاب (أبو العلاء المعري ولزومياته) ص13، بعدما أدخلت عليه بعض التصويبات.
(31) عبد العزيز بن سرايا الطائي (677 ـ 750هـ) الأعلام 4/17 ـ 18.
(32) ديوان الحلي 705 وما بعدها، ولقد درسته في بحث لي منشور في مجلة كلية الآداب، جامعة الإمارات، العدد 6 عام 1990.
(33) سر صناعة الإعراب 2/573 ـ 729.
(34) الأعشى، ميمون بن قيس، شاعر جاهلي من أصحاب المعلقات (الأعلام 7/341).
(35) طرفة بن العبد، شاعر جاهلي من أصحاب المعلقات (الأعلام 3/225).
(36) النابغة الذبياني، زياد بن معاوية، شاعر جاهلي من أصحاب المعلقات (الأعلام 3/54 ـ 55).
(37) عمر بن معد يكرب، شاعر مخضرم، توفي عام 21هـ (الأعلام 5/86).
(38) لزوم ما لا يلزم 1/33 ـ 35.
(39) كُثَيِّر بن عبد الرحمن الخزاعي، يعرف بكثير عَزَّة، شاعر إسلامي، توفي عام 105هـ (الأعلام 5/219).
(40) لزوم ما لا يلزم 1/32.
(41) المهرجان الألفي لأبي العلاء المعري 344.
(42) لزوم ما لا يلزم 2/288.
(43) المصدر نفسه 1/367.
(44) المصدر نفسه 2/359.
(45) المصدر نفسه 1/113.
(46) المصدر نفسه 1/33.
(47) المصدر نفسه 1/46.
(48) المصدر نفسه 1/47 ـ 67.
(49) المصدر نفسه.
(50) المصدر نفسه 1/45.
(51) المصدر نفسه.
(52) المصدر نفسه 1/46.
(53) إيقاع الشعر العربي 23 وما بعدها.
(54) انظر على سبيل المثال لزوم ما لا يلزم 1/523 ـ 534.
(55) الفصول والغايات 131 ـ 132.
(56) المصدر نفسه 132.
(57) العيون الغامزة 209.
(58) الفصول والغايات 87.
(59) الحاشية الكبرى 66.
(60) منهاج البلغاء 243.
(61) لزوم ما لا يلزم 1/144.
(62) العروض لابن جني 147.
(63) الموسوعة العربية الميسرة 1/716.
(64) لزوم ما لا يلزم 1/52.
(65) القوافي 178.
(66) المصدر نفسه 184.
(67) لزوم ما لا يلزم 1/29.
(68) القوافي 165.
(69) البحر الطويل، تفعيلاته: فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن (مكررة) (العروض 59).
(70) البحر البسيط، تفعيلاته: مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن (مكررة) العروض 70).
(71) بحر الرجز، تفعيلاته: مستفعلن مستفعلن مستفعلن (مكررة) (العروض 101).
(72) لزوم ما لا يلزم 1/534.
(73) بحر المديد، تفعيلاته: فاعلاتن فاعلن فاعلاتن (مكررة) (العروض 64).
(74) أي هما بحران أخوان، لأنهما ينتميان إلى الدائرة العروضية الأولى، دائرة المختلف، ومع ذلك فإن الشعراء أكثروا من النظم على الطويل على نقيض المديد لاختلافهما الموسيقي (إيقاع الشعر العربي 28 ـ 30، 126 ـ 130).
(75) لزوم ما لا يلزم 1/148.
(76) انظر على سبيل المثال المصدر السابق 1/297 ـ 528.
(77) المصدر نفسه 1/180.
(78) المصدر نفسه.
(79) شرح الكافية البديعية 82.
المصادر والمراجع
ـ أبو العلاء ولزومياته، د/ كمال اليازجي، دار الجيل، بيروت 1988.
ـ الأعلام، خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت 1984.
ـ إيقاع الشعر العربي، دراسة في فلسفة العروض، د/ أحمد فوزي الهيب، دار القلم العربي، حلب 2003.
ـ الحاشية الكبرى على متن الكافي (الإرشاد الشافي)، الدمنهوري، دار إحياء الكتب القديمة، مصر، بلا تاريخ.
ـ ديوان صفي الدين الحلي، دار صادر، بيروت، بلا تاريخ.
ـ سر صناعة الإعراب، ابن جني، ت: د/ حسن هنداوي، دار القلم، دمشق 1985.
ـ سقط الزند للمعري، ت: مجموعة من الأساتذة بإشراف د/ طه حسين، دار الكتب، مصر 1945.
ـ شرح الكافية البديعية، الحلي، ت: د/ نسيب نشاوي، مجمع اللغة العربية، دمشق، 1982.
ـ العروض، ابن جني، ت: د/ أحمد فوزي الهيب، دار القلم، الكويت 1987.
ـ عصر الدول والإمارات، مصر والشام، د/ شوقي ضيف، دار المعارف، مصر 1984.
ـ العيون الغامزة على خبايا الرامزة، الدماميني، ت: الحساني حسن عبد الله، مطبعة المدني، القاهرة 1973.
ـ الفصول والغايات، أبو العلاء المعري، ضبطها محمود حسن زناتي، دار الآفاق الجديدة، بيروت، بلا تاريخ.
ـ الفن ومذاهبه في الشعر العربي، د/ شوقي ضيف، دار المعارف، القاهرة 1978.
ـ القوافي، التنوخي، ت: د/ عوني عبد الرؤوف، مكتبة الخانجي، مصر 1978.
ـ لزوم ما لا يلزم (اللزوميات)، أبو العلاء المعري، ت: د/ كمال اليازجي، دار الجيل، بيروت 1992.
ـ مختصر القوافي، ابن جني، ت: د/ حسن شاذلي فرهود، دار المعارف السعودية، الرياض 1977.
ـ منهاج البلغاء وسراج الأدباء، حازم القرطاجني، ت: د/ محمد الحبيب ابن الخوجة، دار الغرب الإسلامي، بيروت 1981.
ـ المهرجان الألفي لأبي العلاء المعري، نسخة مصورة عن طبعة مجمع اللغة العربية بدمشق، دار صادر، بيروت 1994.
ـ الموسوعة العربية الميسرة، إشراف محمد شفيق غربال، دار الشعب، مصر 1965.
ـ مجلة كلية الآداب، جامعة الإمارات العربية المتحدة.
ـ مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق.
Admin- المدير
- عدد المساهمات : 297
تاريخ التسجيل : 13/08/2010
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد ديسمبر 16, 2012 1:52 am من طرف Admin
» توبة التائبين
السبت يناير 28, 2012 1:28 am من طرف Admin
» الحماسة في الشعر العربي
السبت يناير 28, 2012 1:26 am من طرف Admin
» Windows Live Messenger 2012
الأحد نوفمبر 20, 2011 7:29 am من طرف Admin
» الفيلم الدرامي الرائع هليوبوليس
الأحد نوفمبر 20, 2011 7:14 am من طرف Admin
» ولاد البلد
الأحد نوفمبر 20, 2011 7:09 am من طرف Admin
» دراسة في شعر الحماسة
الأحد نوفمبر 20, 2011 6:13 am من طرف Admin
» كلام من نور
الأحد نوفمبر 20, 2011 5:28 am من طرف Admin
» يا رب استجب
الأحد نوفمبر 20, 2011 5:25 am من طرف Admin